جاء ذكر “الدستور” في موضعين في الوثيقة. أحدهما يتعلق بآلية صناعة الدستور، والمقصود هنا بالطبع هو “مفوضية الدستور”، وهي الجهة التي تمهد لقيام المؤتمر الدستوري. باعتبار أن المشاورات المتعلقة بالدستور لا بد أن تتميز بالشمول والمشاركة الواسعة. المفوضية لا تضع الدستور. وما ورد في المادة “8” ورد بصيغة “التمهيد”، بحسب وزارة العدل. والمقصود هو خلق بيئة قانونية وسياسية مُلائمة كتابة الدستور. في خطوة تأتي بالضرورة بعد الإصلاح السياسي، المتعلق بالتحول الديمقراطي. ومن المُمكن قراءتها ابتداءاً بالسلام، تلبية لاشتراطات المشاركة والشمول. والأولوية في هذا الصدد هي لإيقاف الحرب، وبناء السلام. وتتطلب عملية بناء السلام إنجاز العدالة الانتقالية، وعودة اللاجئين والنازحين. كما تتطلب الإصلاح القانوني الوارد في الوثيقة الدستورية، ومُعالجة جذور النزاع، مثل قضايا الأراضي في بعض المناطق، فضلاً عن إصلاح المنظومة العدلية، التي كانت غير قادرة أو غير راغبة في التصدي للانتهاكات.
رابط الموقع الإلكتروني لوزارة العدل
المؤتمر الدستوري:
بالنسبة لإنشاء آليات لوضع دستور دائم فهو عمل من صميم مهام “مفوضية الدستور”، وهي بدورها جسم يحتاج لقانون يُنشأ بشخصية اعتبارية، يُشرف على قيام المؤتمر الدستوري. أما المؤتمر الدستوري بحسب مدير إدارة الدستور بوزارة العدل “د. طارق المجذوب“،
فهو عبارة عن سلسلة من الأنشطة توضع كمنهجية للتشاور. وقال المجذوب أن وزارة العدل، وبعد مشاورات ودراسات، وضعت مشاريع قوانين لإنشاء مفوضية العدالة الانتقالية، ومفوضية حقوق الإنسان، بالإضافة لمفوضية الإصلاح القانوني. ومن المُنتظر أن تُجاز هذه القوانين بنهاية العام الحالي. ومضت الوزارة في مسار تقوية قدرات المستشارين فيها، بالتعاون مع المعونة الأمريكية من خلال عدد من الورش، أُختتمت في أكتوبر الماضي. هي في مُجملها عبارة عن مشروع دراسة عن مفهوم وآلية إجراءات العدالة الانتقالية، بمنهجية واستبيانات. رابط الموقع
وفيما يتعلق بالإصلاح المؤسسي – وبحسب المجذوب – فقد تم إنجاز دراسة عن احتياجات وزارة العدل، بالتعاون مع الهيئة الاستشارية لجامعة الخرطوم في أكتوبر الماضي. وبناءً عليها أُقيمت ورشة لوضع استراتيجية للوزارة من قبل خُبراء، بالتعاون مع فريق الإصلاح المؤسسي للوزارة. وكانت ورشة ناجحة خلصت إلى رؤية جديدة للوزارة والوصول لمقترح الاستراتيجية وأولوياتها. وهُناك الخطاب الذي ألقاه وزير العدل في إفتتاح ورشة الإصلاح المؤسسي في فندق قراند هوليدي فيلا هذا الشهر، والذي أعلن فيه عن استقدام بعض المستشارين منهم مستشار متخصص في صناعة الدستور من جنوب أفريقيا، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. لتهيئة البيئة القانونية والمؤسسية اللازمة لقيام المؤتمر الدستوري، وصناعة الدستور، والتحول الديمقراطي وإصلاح قانون الانتخابات. رابط الموقع
وتتعاون الوزارة مع عدد من المانحين منهم “يو ايس أيد”، “الاتحاد الأوروبي”، والسفارة الكندية”. وكان هناك برنامج “معهد ماكس بلانك للسلم الدولي وسيادة حكم القانون”. وهو يتدرج من ورش عمل تخصصية، لمُناقشة آليات موضوعات معينة، مثل نظام الحكم، شكل الدولة، النظام الفيدرالي، النظام اللامركزية، واستقلال القضاء، أقيمت خلال هذا العام، وكان آخرها قبل ثلاثة أشهر وكلها ورش عمل تخصصية، وانتهت لصيغ دستورية لتقوية قُدرات المستشارين. وتم تجديد مذكرة التفاهم الموقعة مع معهد ماكس بلانك، والوزارة الآن بصدد إبرام مذكرة متخصصة مع المعهد في مجال صناعة الدستور. بخصوص برامج تدريب ” متعمق “، في إطار استعداد وزارة العدل للقيام بدورها في آلية صناعة الدستور، وإيجاد الإطار القانوني له. وكان وزير العدل وطاقم من القانونيين قد شاركوا في مفاوضات جوبا للسلام. ومهد البدء في عملية صناعة السلام، وإصلاح عدد من القوانين منها قانون التعديلات المتنوعة، مهد الطريق لعملية صناعة الدستور.
قانون التعديلات المتنوعة – وزارة العدل
وتم مؤخراً تشكيل لجنة لإصلاح قانون الأحوال الشخصية، ومُراجعة عدد من الأحكام، لتتواءم مع قوانين حقوق الإنسان، منها التي تتعلق بالمرأة والطفل. على أن ترفع تقريرها قبل نهاية العام. رابط الموقع
وتتكفل وزارة العدل بوضع الدراسات ومشاريع القوانين. وأحد المواضيع التي نوقشت في ورشة أقامتها وزارة العدل في أكتوبر الماضي هو “الاعتبارات الدستورية لإدراج السلام في الإطار الدستوري”. ومن المقرر أن تُقام ورشة أُخرى تمتد من الخامس وحتى التاسع من ديسمبر القادم بحسب مدير إدارة الدستور بوزارة العدل د. طارق المجذوب. رابط الموقع
وقال المجذوب أن قانون مفوضية العدالة الإنتقالية خضع لثلاث جلسات تشاور في أكتوبر ونوفمبر من العام الحالي، تتعلق بمُشاركة المجتمع المدني فيها. حيث تقدمت القوى المدنية في الإئتلاف الحاكم بطلب سماع رأيها في القانون، لجهة وضع قانون موضوعي للعدالة الانتقالية، تتولاه المفوضية لتوسيع المشاركة. لكن من المُقرر أن تنتهي هذه المشاورات وتتم إجازة القانون قبل نهاية العام الحالي. وبإدراج اتفاق جوبا في الوثيقة الدستورية تم إقرار التحول لنظام حكم فيدرالي يستند إلى ثمانية أقاليم. وكان عضو المجلس السيادي محمد حسن التعايشي، قد أكد في تصريحات صحفية مارس الماضي هذا التحول وزاد:”وفق اتفاقية جوبا للسلام، تتمتع الأقاليم الثمانية بصلاحيات وسلطات حقيقية، وتكون الحقوق فيها على أساس المواطنة، وسيتم تضمين كل ذلك في الدستور القادم”.
ووضعت الوزارة مشروعات لقوانين الحكم اللا مركزي لإيجاد أساس للبناء عليه. وحُظيت هذه المشروعات بمشاورات واسعة مع وزارة الحكم الاتحادي بهدف استقراء آراء الناس فيها ابتدأت من يونيو الماضي مع القطاعات الحكومية الولائية في ولايات الجزيرة والنيل الأزرق وسنار بحضور ممثلين من تحالف الحرية والتغيير بالإضافة للإداريين وأمناء الحكومات والمدراء العامين للوزارات ومدراء التنفيذيين للحكم المحلي والإدارات القانونية والأهلية بجانب لقاءات نوعية ضمت رؤساء النيابة العامة. ومؤخراً تمت إجازة قانون الحكم اللا مركزي وتم نشره في الجريدة الرسمية وعلى صفحه الفيس بوك.
وكان عضو المجلس السيادي محمد حسن التعايشي قد حدد موعداً لقيام مؤتمر نظام الحكم خلال ستة أشهر من إدراج اتفاق السلام في الوثيقة الدستورية. الموقع
وتبدو الأشياء في ما يتعلق بالمؤتمر الدستوري تمهيدية. فمؤتمر الحكم والإدارة المزمع عقده بعد ستة أشهر، هو تمهيد للمؤتمر الدستوري.
مُستشار رئيس الوزراء لشؤون السلام د.جمعة كُندة أكد على أن توقيع اتفاق جوبا للسلام سيفتح المجال أمام قيام مفوضيتي العدالة الانتقالية والدستور كخطوة على طريق السلام الشامل. باعتباره البداية الفعلية للشروع في عملية العدالة الإنتقالية من محاكمات، وعفو، ومُصالحة وجبر ضرر، وتعويضات.وأيضاً يأتي السلام الشامل كضرورة للحديث عن صناعة الدستور، وقيام المؤتمر الدستوري. باعتبارها عملية سياسية تتطلب مشاركة كل الأطراف فيها. وهو ما لا يتأتى إلا بتوقيع اتفاق السلام الشامل. وأشار كُندة إلى تحديات ستواجه إنفاذ العدالة الإنتقالية باعتبار الوثيقة المُعدلة، والتي تشير في بعض بنودها إلى العفو عمن شارك في العمليات العسكرية في فترة الحرب من جميع الأطراف